حصلت الباحثة إسراء حامد الدالي، المدرس المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات ببورسعيد، على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن شعبة الشريعة الإسلامية - جامعة الأزهر بالقاهرة، عن رسالة بعنوان (عقود الفضل والإحسان وتطبيقاتها في الشريعة الإسلامية دراسة فقهية مقارنة).
تكونت لجنة المناقشة والحكم من العلماء، الأستاذة الدكتورة سميرة سيد سليمان، أستاذ الفقه المقارن، الأستاذ الدكتور صبري عبد الرؤوف محمد، أستاذ الفقه المقارن، الأستاذ الدكتور محمد الزيني غانم، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن، والأستاذة الدكتورة أسماء فتحي علي، أستاذ الفقه المقارن، وقد حصلت الباحثه على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى برسالتها .
تناولت الرسالة فقه التبرعات والذي يعتبر مظهرا عظيما من مظاهر الشريعة الإسلامية يتجلى فيه تغليب الجماعة على الفرد، والحرص على إعادة توزيع الثروات بنقلها من الأغنياء إلى الفقراء، فالتبرع والإحسان طاعة يقدمها المسلم تقربا إلي الله عز وجل لنيل محبته ورضاه فقال تعالى ﵟوَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَﵞ ]سورة البقرة من الآية: 195[، كما إن له أثرا كبيرا في تهذيب النفوس وتزكيتها فقال تعالى (خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﵞ )سورة التوبة الآية: 103.
وأشارت الباحثة أن للتبرع والإحسان أثرا عظيما في تقوية وتماسك المجتمع وتعزيز التعاون بين أفراده مما يخلق مجتمعا متكافلا يعيش أفراده كالجسد الواحد كما وصفه النبي في الحديث الشريف عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، أخرجه البخاري ومسلم.
وتطرقت الرسالة إلى أن الشريعة الإسلامية لعقود التبرعات اهتماما كبيرا تنظيما وتشريعا لبيان أحكامها في جملة من النصوص التشريعية المدونة في كتب الفقهاء القدامى والتي ترغب فيها وتحث عليها, ومن امثلة تلك العقود: الهبه، الصدقة، الوصية، الوقف، والإعارة وغيرها.
كما تناولت الرسالة جملة من الأحكام التي تتعلق بعقود التبرع والإحسان والتي لها صلة وثيقة بحياة الناس ومعاملاتهم منها: الإكراه على التبرع، تبرعات المرأة وبيان حقها الشرعي في التملك والإنفاق، تبرعات المريض مرض الموت، والتبرعات لغير المسلمين المسالمين فبينت سماحة الإسلام وعظمته ورعايته للجوانب الإنسانية لغير المسلمين وحفظ كرامتهم وحثه على الإحسان لهم, فقال تعالى ﵟلَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَﵞ (سورة الممتحنة الآية: 8).
وتعرضت الرسالة بالتفصيل لثلاثة من التطبيقات الفقهية المعاصرة لعقود التبرع والإحسان والتي تمسّ الواقع المعاصر مع بيان أقوال الفقهاء القدامى والمعاصرين بها، أولها: الوصية بالأعضاء البشرية السليمة بعد الموت، حيث أثارت هذه القضية جدلا واسعا في السنوات الأخيرة في ظل التوجه المجتمعي نحو ثقافة التبرع بالأعضاء السليمة بعد الموت من أجل إنقاذ حياة إنسان، وثانيها: التبرع بالرحم كوسيلة من وسائل علاج العقم وحل مشاكل الإنجاب عند المرأة، وثالثها: التبرع بالشعر لمرضى السرطان والحروق كوسيلة لتخفيف الضرر النفسي المترتب على سقوط الشعر نتيجة العلاج الكيميائي والإشعاعي.